قراءة المؤشرات الأولى للانتخابات تطرح عدة أسئلة منها مفاجأة الحصان الأسود للانتخابات حمدين صباحى الذى صنع خريطة جديدة للتصويت حتى إن لم يصل إلى الإعادة، يكفيه أنه فى خلال مدة بسيطة من الدعاية الانتخابية قلب كل التوقعات، ومن ضمن هذه الأسئلة أيضاً انخفاض نسبة التصويت لتيار الإسلام السياسى فى انتخابات الرئاسة عن انتخابات البرلمان الذى كان أداؤه الردىء باباً ملكياً للفشل المجسد، وعلامة استفهام عن اختلاف الدلتا مع الصعيد تصويتياً وأيضاً اختلاف التصويت طبقاً لاختلاف المرحلة العمرية.. إلخ.

كل ما سبق أسئلة نطرح تفسيرها على خبراء التحليل السياسى، أما السؤال الذى لا بد أن نطرحه على أنفسنا هو: لماذا انخفضت توقعات موسى وأبوالفتوح تحديداً عما كنا نتخيله؟، موسى كنا نظن أنه سيتفوق على شفيق، وأبوالفتوح كنا نظن أنه سيتفوق بفارق هائل عن صباحى، هناك عوامل كثيرة صنعت تلك المفاجأة ولكنى أعتقد أن أهم هذه العوامل هى المناظرة التى تمت بينهما التى خصمت من رصيد الاثنين بشكل ضخم وقوى.

السؤال هل لأننا كمجتمع لم نزل فى سنة أولى مناظرات ولا نعرف قواعد وآليات الحوار الجيد والمناظرة الصحيحة؟، هل أسلاك الحوار لدينا غير موصلة للأفكار بطريقة سليمة؟، بالطبع فكرة المناظرات ما زالت فى الحضانة ونحن كمجتمع نتخيل الحوار مبارزة سيف قبلية بدوية لا بد أن تنتهى بغرس السيف فى عنق الخصم وقتله، إما أنا أو الآخر، هناك عيب قاتل آخر فى حواراتنا وهو التركيز على الشخص لا على أفكار الشخص وهو ما ظهر فى مناظرة موسى - أبوالفتوح التى تركت فيها حلبة الأفكار وتفرغ فيها الاثنان للتجريح الشخصى وتصيد الهفوات بلكمات تحت الحزام، الخصم كان لصالح صباحى وصب فى صندوقه الانتخابى، ولكن السؤال الذى يفرض نفسه الآن: هل سيهرب الجميع من المناظرات فى الانتخابات المقبلة؟

بالطبع، أنا متأكد أنه لا مناظرات فى جولة الإعادة، فقد تعلم الجميع الدرس ولن يكرر أحدهم خطيئة المناظرة فى مجتمع يحولها لأهلى وزمالك وبين مرشحين يعتبرون المناظرة ساحة مصارعة حرة بلا قواعد أو قوانين، ولكنى أسأل: هل سيتم النضج بعد أربع سنوات ويقبل المرشحون أسلوب المناظرات؟ أشك فى أن ننضج فى هذه الفترة البسيطة ونقبل بالمناظرات أو بالأصح نستطيع أن ندير المناظرات وأيضاً نتعلم كيف نشاهدها كمتفرجين، لا بد أن يتخلص المرشحون من غريزة الانتقام، ولا بد أن يتخلص الجمهور من حاسة التربص والاصطياد والغمز واللمز والتلسين والتجريس.

المناظرة فن لا بد أن نتقنه، المناظرة ثقافة لا بد أن نكتسبها، المناظرة علم لا بد أن نمتلك أدواته.